ألعائِد الجُزءُ الثاني-ناجي نعمان
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
حياة أدبا

ألعائِد
الجُزءُ الثاني

  ناجي نعمان    

ألباقي
حيثُ لا تحديدَ لمكانٍ أو تَدوينَ لزمان
... وبَقِيتُ في القُوَّة، لا مكانَ لي ولا زمان، لا مَحسوسًا ولا مُدْرَكًا.

ألنُّور                       
قبلَ تحديد المكان وتَدوين الزَّمان
وانْبَثَقْتُ نُورًا ذاتيَّ الطَّاقة، أَضاءَ الكَوْنَ، فإذا بمُكوِّناتٍ تَتَفاعَلُ مع ذاتِها، ومعي، وتَسْتَمِدُّ قُدْرَةَ خَلْقٍ جديدةً.

ألنَّسَمَة
قبلَ تحديد المكان وتَدوين الزَّمان
ووَجَدْتُني نَسَمَةً، أَطوفُ في الكَوْن، لا حدودَ لي، لا، ولا زَمَن. وما زِلْتُ أَطوفُ حتَّى انْتَهَيْتُ في رِئَتَي رَضيع، فأَحْسَسْتُ بالحَياة أكثرَ، إذْ صِرْتُ جُزْءًا إنسانيًّا منها.

ألخائِف
قبلَ تحديد المكان وتَدوين الزَّمان
واسْتَيْقَظْتُ وَليدًا في حِضْن امرأةٍ أَرْضَعَتْني الحنانَ، حتَّى إذا ما وَعَيْتُ، وَجَدْتُني أَقْتاتُ نَباتًا وصَيدًا، وأَعِيشُ، في اختِصارٍ، خَوْفًا: الكَهفُ مَلاذي، وفي المَجموعة
عَصَبي، تَحْمِيني صَغيرًا، فأَذودُ عنها، إذا ما شَبَبْتُ، وقد أَغْدو حَكيمَها إذا طالَ لي عُمر.

وأمَّا الخَوْفُ، ففي الطَّبيعة، سماءً وأرضًا:
فإنْ أشْرَقَتْ شمسٌ، خَرَجْتُ من كَهفي أبْحَثُ عن قُوْتي وَسْطَ المَخاطر، أو حَلَّ ليلٌ آوَيْتُ إلى حيثُ آمَنُ شرَّ المختلِفينَ عنِّي من ذَوِي الأربعة.
وإنْ أَمْطَرَتْ سماءٌ، قَطَفْتُ نَباتًا، أو مَحَلَتْ، اِكْتَفَيْتُ باليابس من الأوراق؛ وأمَّا إذا غَضِبَتْ فأَبْرَقَتْ، اِنْبَهَرْتُ، أو هي رَعَدَتْ، اِرْتَعَدْت.
ولَئِنْ كانَ، في الأرض كما في مِياهها، الصَّيدُ، فإنَّ فيها، أيضًا، ما يَصْطادُ، وفي مِياهها ما يَبْلَع؛ ولَئِنْ تَضَرَّعْتُ إلى الآلِهَة لِتَحْمِيَني، وقدَّمْتُ لها القَرابين، فإنَّ الآلِهَةَ نَفْسَها أَضافَتْ إلى خَوْفي رَهَبُوتًا.

وأَشارَ عليَّ مُساكِنُ مُرضِعَتي، وحامِيَّ، ألاَّ أَبْعُدَ عن الكَهف، وألاَّ أَقْصُدَ الغابَ، ناحيةَ غُروب الشَّمس، فما اعْتَبَرْتُ - وقد اشْتَدَّ ساعِدي - بَلْ رُحْتُ، غُروبًا بعدَ غُروب، أَتَوَغَّلُ في ما حُرِّمْتُه.

وشاهَدْتُ ذاتَ غُروب، وقد تَوَغَّلْتُ أكثرَ ما أَمْكَنَني، طَيرًا، فتَبِعْتُه، حتَّى إذا تَمَكَّنَ الغابُ منِّي، ضِعْتُ، فانْتابَني خَوْف. وإذْ تَبِعَني واحدٌ ضَخْمٌ من غَيرِ أمثالي، أَصابَني هَلَعٌ ما قَدْرُه هَلَع، فهَرَبْتُ منه. وكُنْتُ، كلَّما أُسْرِع، يُسْرِعُ خَلفي، حتَّى انْتَهَيْتُ إلى قِمَّة هاويةٍ سَحيقةٍ تحتَها ماءٌ يَجْري. وإذْ قَرَّرْتُ، لِشِدَّة خَوْفي، الاستِمرارَ في الهَرَب، طِرْتُ، كما العُصْفورُ، وللمَرَّة الأولى، وما زِلْتُ إلى أنْ حَطَطْتُ على صخورٍ قُرْبَ الماء.

وأَحْسَسْتُ، هناك، بألَمٍ ما عَهِدْتُ مِثلَه، وما لَبِثْتُ أنْ غَفَوْت.


من "المُنعَتِق" - الجُزءُ الأوَّل
 ©الحقوق محفوظة - دار نعمان للثقافة



 
  ناجي نعمان (2011-04-22)
Partager

تعليقات:
أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

ألعائِد
الجُزءُ الثاني-ناجي نعمان

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia